ويب ٣ أو ما يعرف بالجيل الثالث للويب هو المرحلة القادمة المنتظرة لشبكة الويب العالمية.
مرحلة سيتمكن فيها المشاركون من التفاعل مع بعضهم البعض بثقة دون الحاجة إلى وسطاء خارجيين. وفي حين عُرف الجيل الثاني للويب بجيل القراءة والكتابة سيأتي الجيل الثالث مزودًا بخاصية ثالثة وهي الأمتلاك.

حينما أُنشئت شبكة الإنترنت في بادئ الأمر كشبكة عامة تهدف إلى تسهيل الاتصال بين الوكالات الحكومية والجامعات والمنظمات البحثية جذبت على الفور انتباه المهندسين. وعندما أدرك هؤلاء حجم الأمكانيات التي يمكن أن تقدمها شبكة مفتوحة يسهل الوصول إليها من جميع أنحاء العالم، بدأ رجال الأعمال من خارج هذا المجال في التهافت عليها. ولأن البناء على بروتوكول الإنترنت IP مباشرة لم يكن ممكنًا من الناحية التقنية، قدم مخترعون مثل تيم بيرنز لي بروتوكولات مثل الشبكة العنكبوتية العالمية WWW المعتمدة على بروتوكول الإنترنت، والتي كانت بداية شبكة الويب كما نعرفها اليوم.

من المهم أن ندرك أن الإنترنت وشبكة الويب ليسا نفس الشئ. أحدهما يعتمد على الآخر، كما هو ممثل في الرسم التوضيحي أدناه.

الجيل الأول للويب (البدايات)

باختصار: استهلاك محتوى
قدم لنا الويب في بداياته مفهوم المواقع الإلكترونية التي مكنت الأشخاص من نشر أي نوع من المحتويات على هيئة صفحات. كان باستطاعة أي شخص
من أي مكان في العالم الوصول لهذه الصفحات طالما كان مشتركًا في الشبكة ولديه عناوين URL الخاصة بالصفحات المذكورة. تمثل عناوين URL هذه مواقع محجوزة على الشبكة العامة، ومن هنا جاءت تسمية الصفحات “بمواقع” الويب. على الرغم من الثورة التي أحدثها “الويب” بجعله الأشخاص قادرين على استضافة المحتوىات إلا أنه جاء مقيدًا بمجموعة من القيود: محتوى فقط: يستطيع صانعو المحتوى طرح محتويات فقط؛ لأنه لم يدعم البرمجيات. يمكن للمستخدمين قراءة أو مشاهدة المحتوى فقط دون مشاركته. كان المحتوى ثابتًا (لا يمكن التفاعل معه) مثل المحتوى الورقي.
مع نمو هذه الشبكة، قامت شركات الاتصالات بتدعيم البنية التحتية التأسيسية (طبقة الشبكة التي تسهل عمل بروتوكول الإنترنت مثل الأقمار الصناعية والأسلاك والأبراج وما إلى ذلك. بينما ظلت الطبقة التي تعلو شبكة الويب العالمية مستضافة “محليًا”، وهذا يعني أن مواقع الويب وبياناتها الأساسية مخزنة لدى منشئي مواقع الويب المذكورة كل على حدى.
ملخص هذه المرحلة ببساطة:
  • البيانات مركزية،
  • وتخزينها ونقلها مركزيان أيضًا.

الجيل الثاني للويب (حاليًا)

باختصار: استهلاك وانتاج محتوي
حدث في هذه المرحلة تحولًا ملحوظًا تجلى في إمكانية مشاركة المستخدم. فبدلاً من تقييد المستخدمين بالقدرة على “القراءة” فقط، أصبح بإمكانهم الآن
“الكتابة” أيضًا. أتاحت هذه النسخة من الويب إدخال البرمجيات بدلاً من الاقتصار على المحتوى الأساسي فقط. جاء هذا كنتيجة لتحسين البروتوكولات ووسائل تمكينها مثل المتصفحات وأنظمة التشغيل وما شابههما. وأنطلقت في هذه الفترة فئة من البرمجيات تدعى شبكات التواصل الاجتماعي.
شبكات التواصل الاجتماعي هي التي أتاحت للمستخدمين التفاعل مع الشبكة، بدلًا من الاقتصار على قراءة أو مشاهدة أو الاستماع إلى المحتوى. وكان أساسها بروتوكولات مثل البريد الإلكتروني ومنصات مثل ماي سبيس وفيسبوك ويوتيوب وما إلى ذلك. ونظرًا لأن المساهمة في المحتوى
أصبح لا يقتصر على منشئو المحتوى فقط إذ أصبح لمستخدمي الموقع شأنًا كبيرًا به، دعت الحاجة إلى التحول من التخزين المنعزل والمركزي إلى الاستضافة اللامركزية حيث يستضيف المستخدمون بياناتهم الخاصة. ولكن هذا ليس ما حدث. فعلى الرغم من مساهمة المستخدمون بالبيانات، ظلت البيانات محفوظة لدى منشئي المواقع الإلكترونية. بينما ظل المستخدمون غافلون عن عواقب ذلك. تخيل استضافة على أنها حفظ أو وصاية. إذا استضفت بياناتك، فسيعتبر ذلك وصاية ذاتية، تمامًا كما لو كنت تحتفظ بأموالك في حوزتك بدلاً من إيداعها في أحد البنوك. لكن راحة الاحتفاظ بأموالك في البنك تطغي على أي تفكير في العواقب. وهذا ما حدث في الجيل الثاني للويب.

نستنتج من هذا أن المستخدمين لا يمكنهم التحكم في البيانات التي قدموها. تستضيف المواقع الإلكترونية بياناتهم نيابة عنهم. وبالتالي كان من المتوقع أن يلتزم المستخدمون بشروط وأحكام الموقع الإلكتروني وألا سيتم منعهم من الدخول إليه. ناهيك عن قدرة الموقع الإلكتروني على تغيير شروطه وأحكامه في أي وقت مما يجبر المستخدم على الموافقة وألا سيحرم من الخدمة أو بياناته الخاصة في بعض الحالات.
بعبارات بسيطة:
  • البيانات لا مركزية، بينما تخزينها
  • ونقلها مركزيان.

الجيل الثالث للويب (وجهتنا)

باختصار: استهلاك وانتاج وامتلاك محتوي
بينما اعتمدت النسخة الثانية من الويب على المستخدمين لتقديم البيانات التي سيجني المضيف فوائدها، فإن النسخة الثالثة ستعيد الفوائد مرة أخرى إلى المستخدمين. في معظم الحالات يمنح الجيل الثاني للويب المستخدم القليل من التحكم في بياناته إن لم يحرم منه تمامًا كما هو مذكور أعلاه. كما لن يضمن المستخدم استمرار الخدمات والبرامج والبرمجيات التي استمتع باستخدامها سيقدم الجيل الثالث للويب حل لتلك المشاكل. ولن يقتصر الأمر على قيام هذه النسخة بحل مشكلة المركزية في الويب بل سيمتد تأثيرها إلى حل مشكلة المركزية في معظم الصناعات. يُشار إلى معظم تطبيقات الجيل الثالث للويب باسم التطبيقات اللامركزية والتي أُنشئت على شبكات النظراء مثل IPFS و إيثريوم Ethereum ونيير NEAR. ما يجعلها لامركزية هو: طبيعة إدارتها اللامركزية.

التطبيقات اللامركزية DApps هي تطبيقات منظمة-ذاتيا، مما يعني أن مستخدمو هذه التطبيقات لديهم سيطرة على ما يحدث لها. بمجرد نشر التطبيقات اللامركزية على منصاتها-شبكاتها اللمركزية تصبح متاحة للعالم. هذا يشبه تمامًا هيكل الحوكمة الذي يتبعه الإنترنت.

الطبيعة اللامركزية للمنصات التي تقوم عليها بدلاً من أن تديرها بعض السلطات المركزية مثل شركة ما، يتم إنشاء هذه الشبكات وتشغيلها وصيانتها من قبل مشغلي الشبكة، أو ما يعرف تقنيًا “بالعُقد“. تلك العُقد منظمة ذاتيًا ولا توجد لها نقطة ضعف واحدة. على عكس المواقع الإلكترونية التي يتم إنشاؤها واستضافتها على خوادم منفصلة، يتم إنشاء التطبيقات اللامركزية واستضافتها على هذه الشبكات عبر عقود ذكية. وهناك فائدة أخرى تحققها التطبيقات اللامركزية نتيجة لتواجدها على شبكة مشتركة واحدة وهي “القابلية للتشغبل المتبادل”.
قابلية التشغيل المتبادل هي قدرة أي دالة برمجية على التفاعل مع أي أخرى حتى وإن كانوا ينتمون إلى تطبيقات مختلفة. العقود الذكية هى برمجيات -كود التي تعمل على شبكات قائمة على تقنية قواعد البيانات المتسلسة أو البلوكتشين. بمجرد نشرها، فإنها تعمل كيفما تم برمجتها و بالتالي يعتمد عليها المستخدمين نظرًا لكونها مقاومة للرقابة ولا يمكن إيقافها.
بعبارات بسيطة:
  • البيانات لا مركزية و تخزينها لا مركزي
  • بينما يظل نقلها مركزيًا.
وكنتيجة لما استحدثه الجيل الثالث للويب ويب٣ من هياكل الحوافز وطرق التنسيق (وإمكانية الوصول المتزايد إلى الأجهزة عالية الدقة-الامانة)، فإن الطبقة التأسيسية (حيث يحدث الاتصال) تصبح مهيأة لأن تكون لامركزية أيضًا. في النهاية تجعل التكنولوجيا وشبكة المشاركين فكرة الإنترنت اللامركزي ممكنة.